المقالات

التأمين وقانون حمورابي

التأمين وقانون حمورابي!

يُعتقد أن الصينين أول من استخدم التأمين في الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث كان ملاك السفن المسافرة يقومون بتوزيع الحموله على أكثر من سفينه وذلك لتقليل مخاطر خسارة الحمولة كامله في حال الغرق أو السرقة. كذلك في الألفية الثانية قبل الميلاد طور التجار البابليون النظام الذي تم تسجيله في قانون حمورابي الشهير، بحيث في حال حصل التاجر على قرض لتمويل بضاعته المشحونه على السفينه فإنه مقابل دفع مبلغ إضافي للمقرض يستطيع الحصول على إعفاء من سداد القرض في حال تعرضت الشحنة للسرقة أو الغرق. و في سنة 550 قبل الميلاد كان عدد من المناطق الواقعة تحت حكم الأمبراطورية الفارسية الأولى يدفعون بالهدايا للنظام الحاكم مقابل تأمين الحماية لهم من أخطار الحرب والعدوان.

ومما يذكر أنه في آواخر الألفية الأولى قبل الميلاد في جزيرة رودز القديمة طرحت فكرة “المتوسط العام”، حيث كان التجار يدفعون أقساط تأمينيه مقابل تعويضهم عن قيمة بضائعهم في حال اضطروا إلى رمي شحنة من على ظهر السفينة لتخفيف الحمل على السفينة. ومن ثم ظهرت عند اليونان و الرومان ما يسمى بجمعيات دفن الموتى حيث كان الأعضاء يقدمون مساهمات منتظمة، وعند وفاة عضو من أعضاء هذه الجمعية تلتزم الجمعية بدفع مصروفات الجنازة من صندوق مساهمات الأعضاء، و في القرن الرابع عشر للميلاد ظهر أول عقود التأمين المكتوبة حيث كان بدن السفنية وشحنتها يتم التأمين عليهما من قبل التجار بطول ساحل لومباردي في شمال إيطاليا.

في القرن السابع عشر، مع نمو التجارة الدولية و سيطرة الإمبراطورية البريطانية على جزء كبير من الممرات المائية في العالم، كان الكثير من التجارة الدولية تقوم بها السفن البريطانية مما أدى إلى إزدهار مدينة لندن. في 1680م افتتح السيد/ إدوارد لويد مقهى صغير مالبث أن أصبح

مشهوراً بين ملاك السفن التجارية و تطور ليصبح المكان شبة الرسمي لإلتقاء الراغبين في التأمين على سفنهم بمن يقبل تأمين أخطار السفن.

في الوطن العربي كانت مصر سباقه في استصدار لوائح و أنظمة في التأمين البحري عام 1883م ومن ثم تبعه أحكام فروع التأمين الأخرى في عام 1930م. تلا ذلك اصدار أنظمة التأمين في كل من العراق و لبنان و الكويت في الخمسينات والستينات الميلادية. في المملكة العربية السعودية بدأ نشاط التأمين من خلال وكالات وفروع لشركات أجنبية وكان ذلك في حدود عام 1974م، وقد أحدث ذلك نقاشاَ حول مدى شرعية التأمين و رؤيته كشر محض شأنه شأن الربا! نتيجة لذلك في عام 1977 صدر قرار رقم 51 الصادر عن هيئة كبار العلماء وفيه ان التأمين التعاوني (التبادلي) هو صورة من عقود التبرع ويعتبر ذا مسوغ شرعي في الشريعة الاسلامية وبذلك تأسست الشركة الوطنية للتأمين في عام 1986 والتي سميت بعد ذلك بالشركة التعاونية.

و بلا شك أن للتأمين فوائد عدة منها على سبيل المثال المساهمه في التنمية الإقتصادية حيث يوفر التأمين غطاءاً للمخاطر ويشجع على جذب الإستثمارات وهو بالتالي يدعم ريادة الأعمال ويساهم في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفي جانب أوضح من حياتنا ساهم التأمين الطبي في مساعدة المحتاج للعناية الطبية في الإستفادة من العلاج في المستشفيات الخاصة دون الحاجة لإنتظار المواعيد في المستشفيات الحكومية والتي قد تطول لأشهر! تأمين المركبات ساهم كذلك في خدمة المواطن والمقيم من حيث توفير الحماية التأمينية وتخفيف العبء على المرور بحيث لا يحتاج المؤمن إلى تواجد المرور ويكتفى بمقيم من شركة نجم. و برز أخيراً ما يسمى بتأمين الحماية والإدخار وأقرب مثال له هو معاشات التقاعد للمتقاعدين.

بقلم: طلال بن عثمان العبدالكريم المعمر

الزمـالة الملكـيـة البريطـانيـة للتـأميـن

زمــالة إدارة المخـاطــر الأمريكـيــة

talal.muammar@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock