هل تؤمن بمقولة الانطباع الأول؟!

أنقل لكم تجربتي مع أحد البرامج التي حضرته في احدى الجامعات الامريكية والتي كانت تخص إدارة المشاريع. لكن قبل أن أبد دعوني اشاركم ببعض المعلومات العامة عن البرنامج. البرنامج مصمم لمسؤولي ومدراء الأقسام في الشركات، المؤسسات، المستشفيات، الجامعات, ولكل مهتم بإدارة المشاريع …. مدة البرنامج خمس أيام ٣٠(ساعة تدريبية) … البرنامج يقدم بطريقة تفاعلية أي إنه توجد مشاريع ومهام يجب على المتدربين الانتهاء منها في وقت محدد…. وبسبب الإقبال الشديد على هذا البرنامج كانت اغلب المجموعات مغلقة ولمدة ثمان شهور تقريبا…من حسن الحظ بأن شخصا ما من المسجلين في البرنامج  قام بالانسحاب واصبحت مكانه… لم يكن لدي علم بالمحاضر وبما يملكه من خبرات أو معلومات… ما شدني للتسجيل فيه هو اهتمامي بعلوم الإدارة والقيادة بجانب الإقبال الشديد على البرنامج حيث كما ذكرت، البرنامج كان مغلق التسجيل فيه لمدة ثمان شهور تقريبا…

بداء البرنامج يوم الاثنين الساعة ٨:٣٠ صباحا…كانت القاعة ممتلئ بالحد الأقصى المسموح فيه لمثل ذلك البرنامج من قبل المنظمين …وبسبب كون البرنامج يقدم بطريقة تفاعلية , قام كل شخص منا اختياريا بالجلوس مع مجموعة تتكون من ٤ اشخاص على طاولة واحدة، بعض المجموعات كانت تحتوي على ٦ اشخاص ”متدربين“. بعد اختيار كل شخص منا مجموعة واحدة… بدءنا بانتظار قدوم المدرب… تعدى الوقت موعد المحاضرة المحدد والذي كان ٨:٣٠ صباحا,, ولم يحضر المدرب …استمرينا بالانتظار حتى وصل الوقت الى الساعة ٨:٤٥ صباحا ومن ثم ٩ صباحا ولم يأتي المدرب ..وبدلا عن ذلك حضرت مديرة القسم التي كانت تتأسف وتعتذر وهي بحالة خجل شديد …اخبرتنا بانها تواصلت مع المدرب وانه قادم بعد حوالي ربع ساعة أي انه سيحضر الساعة ٩:١٥ صباحا…امضينا الوقت بالتعارف فيما بيننا كلا مع مجموعته التي اختارها…وبعد ربع ساعة تقريبا جاء رجل طويل في العقد السابع  في ” السبعينات “ يرتدي قميص ازرق طويل، به رسوم وزخارف كثيرة باللون الأبيض ..اعتقد بان قميصه قد يكون مناسب لذهاب للشاطئ او ما شابه…

حقيقة… شخصيا اصابتني خيبة الامل بمجرد رئية الزي بالإضافة الى ان هيئة المدرب الذي كان يملك شنب كبير… كنت أرى مثله في أفلام رعاة البقر الامريكية… لم تنتهي خيبة الامل هنا,  فقد بدء حديثه عن الشراب الذي يجعله سعيدا وكيف انه كان مشاغب جدا في اثناء فترة شبابه… كما انه لم يتوقف فقط عن ذكر ما يعجبه من انواع الشراب بل ذكر بانه نسي موعد المحاضرة وانه كان يعتقد بانها ستقام في يوم اخر!!! استمر الرجل حديثه بكل ثقة عن مواضيع أخرى عديدة ليست لها علاقة بإدارة المشاريع… كان يصف نفسه بانه ينسى كثيرا ويروي قصص حرجة و مضحكة …استمر بذكر قصصه وتجاربه الشخصية الى ان انتهت الفترة الاولى الصباحية المحددة للبرنامج…وجاء وقت الاستراحة بين الفترتين..

 خرجنا جميعا من القاعة وكانت وجوه اغلب الحضور ليست على ما يرام و تسودها خيبة الامل وعدم الرضى وعدم بالاقتناع بالمدرب.. حتى اني التقيت بأحد الحضور وتشاركنا الرائي حول المدرب وقد اخبرني بانه يفكر جديا بان ينسحب من البرنامج وذلك بسبب الانطباع الأول حول هذه المدرب ذو الهئية الغريبة و ما منعه من ذلك هو انه لن يحصل على كامل رسوم التسجيل والتي كانت تعد عالية…

 بعد دخولنا للقاعة، في الفترة الثانية لليوم الأول من البرنامج بدء المدرب العجوز بالتحدث بانه سيقوم بمشاركة خبراته التي يدعي باننا لن نستطيع الحصول عليها في المعاهد او الجامعات والمؤسسات التعليمية وذلك مهما بلغت شهرتها وقوتها ومكانتها العلمية… حقيقة بعد سماعي لما ذكره قلت في نفسي حقا!! ايمكنه القيام بذلك !!! هل هذا الشخص قادر على مشاركتنا بمعلومات غنية كما ذكر؟!! ما زاد عدم قناعتي الداخلية هو اللبس وطريقة حديثه التي تتصف بالسرعة … عموما , استمر بالتحدث عن ما سنقوم بالحصول عليه وكيف سنمضي الأربعة الأيام القادمة بالإضافة الى الخمس الساعات المتبقية من اليوم الأول … بعد ساعة ونصف تقريبا من بدء حديثه عن البرنامج وعن إدارة المشاريع,, تغيرت نظرتي بالكامل …وما زاد اعجابي به هو ما قام به في الأيام التالية من بدء البرنامج من مشاركتنا بتجاربه الغزيرة وخبراته بالإضافة الى قوة المعلومات والمعارف التي لم اسمع بمثلها في السابق من أي جهة أخرى اكاديمية او مهنية….حقيقة , كنت اتمنا ان لا ينتهي البرنامج بسرعة وان يستمر لمدة أطول…ما يملكه هذا المدرب من معارف وخبرات يعد كنز ثمين… لم اكن وحدي من أصابه الاعجاب والرضى عن اداء هذا الرجل العجوز وانما اغلب المتدربين بانت على وجوهم علامات الرضى التأم عن أداءه …حيث كل ما كان يتحدث ويذكر لنا معلومات و تجرب قام به شخصيا يصيبنا الاعجاب من مدى حكمة قراراته وجرأتها بالإضافة الى طريقتة في حل المشاكل وتجاوز الصعوبات … انتهى البرنامج بسرعة وما زلت اتذكر المهارات والمعلومات والخبرات الفريدة التي لا تقدر بثمن والتي شاركنا بها ذلك المدرب واشرف علينا كمتدربين حتى نتقن بعض من فنونها…

حقيقة كانت لدي قناعة كبيرة باهمية الانطباع الاول الى ان التقيت بهذا المدرب المحترف الذي غير رائي حيث اصبحت الان امنح وقت اطول للفهم والاستيعاب ومن ثم اتخاد القرارات المناسبة والاكثر حكمة  

! السؤال من جديد، هل تؤمن بمقولة الانطباع الأول؟ شاركنا برائيك

الكاتب: امين ال الشيخ